المنكر للخطيئة والمعصية التي وقعت يعامله الله معاملة الغائب عنها فكأنه لم يشهدها ولم يسمع بها حتى يطالب بإنكارها، فهو لا إثم عليه لأنه غير مطالب بشيء حيث لم ير ولم يسمع، أما إذا رضي بها وبوقوعها ولو كان غائبا عنها ولم يشهدها كان عليه الإثم كإثم فاعلها.
إن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات، ومن أجل هذا شهر القرآن بسكوت أولي الأمر عن فاعلي المنكرات فلم ينهوا عنها، فقد لعن الله الساكتين عن تغيير المنكرات، إذ يراهم كأنهم راضون بفعلها، كما قص علينا ربنا في القرآن قصة بني إسرائيل في هذا المعنى فقال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (?).
فما أقبح هذا الذم وما أشنعه، فليس في العقوبات نوع أشنع من اللعن، إذ معناه أن الملعون مغضوب عليه من رب العالمين، ومطرود من ساحة رحمة الرحمن الرحيم، فإلى أين يتجه هذا الملعون؟ ليس له إلا اتجاه واحد هو عقاب الله الشديد وعذابه الأليم في نار جهنم التي أعدت للعصاة والكافرين.
واللعن جاء في القرآن على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم لأناس خالفوا المنهج الإسلامي وغيروا وزوروا ودلسوا الحقائق