ومجملة في القرآن، فقد اتهم الرسل عليهم الصلاة والسلام بالجنون وهم أكبر الناس عقولا إلى آخر ما هو معلوم وكان من قبلنا يفتنون ويعذبون بأنواع شتى من العذاب كي يتركوا دينهم ولكنهم حافظوا على التمسك به، وأبوا أن يستجيبوا للظالمين فيما دعوهم إليه، فنشروا بالمناشير، وخدت لهم الأخاديد وأضرمت لهم فيها النيران وألقوا فيها فما صدهم كل ذلك عن دينهم، ولا اتبعوا سبيل الظالمين، فهذا هو الايمان بالله صدقا وهذا هو التصديق بوعد الله حقا، وهذا هو اليقين الذي ينجي صاحبه من عذاب الله.
فقد ذكر الله في القرآن ما أوصى به لقمان الحكيم لولده، فقد أوصاه بالصبر وتحمل الأذى في سبيل القيام بهذين الواجبين الخطيرين اللذين لا يستطيع أن يتحمل المكروه في سبيل أدائهما والقيام بهما إلا المخلصون المحبون للخير والفضيلة أولي العزم والصدق في اللقاء والعمل لله وحده، فقال: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (?).
حقا إنها درجة عالية لا يهبها الله إلا لذوي النفوس الصبورة على ما يصيبها من أجل القيام بذلك، وأي شيء هذا الذي ينوه به خالق الخلق؟ وما هي فائدة هذا الذي يضعه الخالق في قلوب طاهرة ونفوس قوية الايمان، لا ترضى لهذا المجتمع أو ذاك إلا