والإسلام - كما قال العلماء - حياته وبقاؤه ودوامه وانتشاره متوقف على قيام أتباعه بهذا الركن العظيم، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبهما انتشر وعم الأقطار، وبهما - إذا تركا - يضعف ويموت - لا قدر الله هذا - وتموت أمته بموته، وإن كانت حية حياة الحيوانات والبهائم، التي لا يحسب لها أي حساب، ولا يعتير لها وجود إلا بقدر ما تستغل حياتها البهيمية لصالح غيرها.
والأمر بالمعروف من أوكد الواجبات على من فيهم قابلية للقيام به، ولا بد للآمر بالمعروف أن يكون هو مطبقا وممتثلا في نفسه وفي كل أعماله وأقواله وفى كل تصرفاته لما يأمر به من المعروف، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أراد أن يأمر بشيء بدأ بأهله، ويتوعد كل من يخالف منهم عما يأمر به، فإذا لم يطبق على نفسه ما يأمر به، فهو من الخاسرين الهالكين، فهذا سيدنا شعيب عليه السلام أعطانا مثلا من نفسه، كما ذكر الله في القرآن، فقال تعالى في حقه عليه السلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (?) وقال تعالى في حق من يخالف فعله قوله: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (?).