يليق به كفرد وسط أمة لها حقوق عليه وعلى غيره، فالواجب عليه أن يحترم نفسه، فلا يقول ولا يفعل ما ليس له فيه حق، فإذا تطاول هذا الطاغي بالمال - مثلا - كما قال الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} أو ذاك بالجاه - مثلا - وجد في الأمة من يوفقه عند حده المحدود له وخطه المرسوم له بحكم درجته أو مركزه في مجتمع أمته، وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فإذا لم تقم هذه الأمة بهذا السهم العظيم من سهام الإسلام في إصلاح أحوال مجتمعها سلبت منها هذه الأفضلية وصارت مثل الأمم المتقدمة عليها زمنيا.
لهذه المعاني وردت آية القرآن الكريمة مصرحة بما لهذه الأمة من المزية أو المزايا على غيرها من الأمم السابقة عليها لأنها - هذه الأمة - تعمل على ردع كل متجاوز لحدوده، بخلاف ما كانت عليه الأمم السابقة، كالأمة الاسرائيلية في أيامها من سكوتها - ولو كانت غير راضية - على مخالفي أحكام الشرائع الإلهية، فيما فعلوه أو تركوه، وأماتوه من أحكام شريعتهم التي كان عليها أسلافهم، والتي جاء بها من عند الله رسلهم وأنبياؤهم، قال تعالى في حق أمتنا المحمدية: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (?).