لهذا كانوا يترددون على البيت الحرام وخاصة في زمن الحج، ويقولون إنهم على دين إبراهيم، والواقع يكذبهم، لأن إبراهيم الخليل كما حكى الله عنه كان حنيفا مسلما ولم يكن من المشركين جاء هذا في قوله تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (?) فحرفوا وبدلوا دين التوحيد الذي كان عليه أبواهم - إبراهيم واسماعيل - عليهما السلام، وأشركوا مع الله غيره من آلهة عبدوها وسووها برب العالمين ونذروا لها النذور، وأعطوها حقوق الاله، من عبادة وطاعة وخضوع وطلب قضاء حوائجهم منها، وحموها ودافعوا عنها، فدافعوا الحق وحاربوه من أجلها، وأخرجوا الرسول من بينهم لما أظهرها على حقيقتها من عجزها وفساد عبادتها.
فلما جاء الإسلام بالتوحيد الخالص والطاعة لله وحده لا شريك له في ذلك كفروا به، والإسلام هو دين جميع أنبياء الله ورسله من لدن آدم إلى آخر رسول من رسل الله قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وهو عيسى عليه السلام.
ان الدين الحق الذي رضيه رب العباد للعباد إنما هو الإسلام، دين جميع الرسل الكرام الذي جاء به إبراهيم وغيره، فكل من العرب المشركين واليهود والنصارى كانوا يزعمون ويدعون أنهم على دين إبراهيم وملته، وهم المحرفون والمغيرون لها،