الفرع الثاني
أثر سُنَّة التَّرك في معرفة مقاصد الشريعة
عَدَّ الإمام الشاطبي سُنَّة التَّرْك من الطرق التي تُعْرَف بها مقاصد الشريعة, فقال - رحمه الله تعالى: "والجهة الرابعة مما يعرف به مقصد الشارع السكوت عن شرع التسبب أو عن شرعية العمل مع قيام المعنى المقتضي له" (?).
وقد بين الشاطبي في هذا المقام أن سكوت الشارع عن الحكم على ضربين: (?).
الضرب الأول: أن يسكت الشارع عنه لأنه لا داعية له تقتضيه ولا موجب يُقَدَّر لأجله.
ومن الأمثلة على ذلك: تلك النوازل التي حدثت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنها لم تكن موجودة ثم سكت عنها مع وجودها وإنما حدثت بعد ذلك, فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تقرر في كلياتها وما أحدثه السلف الصالح؛ كجمع المصحف وتدوين العلم وتضمين الصناع وما أشبه ذلك مما لم يجر ذكره، في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم