وخرج بهذا القيد - أيضًا: تَرْكه - صلى الله عليه وسلم - للمنهيات والمنكرات، إذ ليس هنالك ما يقتضي فعل المعصية، بل الشرع يقتضي تَرْكها واجتنابها.

القيد الرابع: أن يقع هذا التَّرْكُ من النَّبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه التشريع والبيان؛ وذلك أن يَتْرُك الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - فعل الشيء ليبين لأمته أن المشروع في هذا الشيء تَرْكُه وعدم فعله.

وبهذا القيد خَرَجَ ما تَرَكَه - صلى الله عليه وسلم - لا على وجه التشريع، وإنما تَرْكُه مِن أجل قيام مانع من الموانع: إما لمانع جِبِلِّي، كَتَرْكِه - صلى الله عليه وسلم - أكل الضَّب (?)، أو تأليفًا للقلوب؛ كَتَرْكِه - صلى الله عليه وسلم - نقض الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم - عليه السلام (?) , أو لغير ذلك من المعاني.

وخرج بهذا القيد - أيضًا - تَرْكه - صلى الله عليه وسلم - فعل أمر من الأمور الدنيوية المحضة؛ فإن هذا التَّرْك منه - صلى الله عليه وسلم - إنما يقع من جهة كونه بشرًا، فهو راجع إلى أفعاله - صلى الله عليه وسلم - الجِبِلِّيَّة والعادية، وهي في الأصل تأخذ حكم الإباحة.

ومن الأمثلة على ذلك: أمرُه - صلى الله عليه وسلم - بِتَرْك تأبير النخل, فعن موسى بن طلحة عن أبيه - رضي الله عنه - قال: مررت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوم على رؤوس النخل فقال: «ما يصنع هؤلاء» فقالوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015