وقد تضمن هذا التعريف قُيودًا أربعة:
القيد الأول: أن يكون هذا الأمر المَتْرُوك مقدورًا عليه من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن التَّرْك - حسبما تقدم في التعريف اللغوي - عدم فعل المقدور عليه.
وبهذا القيد يخرج ما تَرَكَه - صلى الله عليه وسلم - لعدم القدرة عليه؛ فإن هذا النوع من الترك لم يوجد معه القصد إلى الترك (?).
وهذا على التحقيق لا يسمى تَرْكًا؛ لكونه غير داخل تحت حقيقة التَّرْك؛ إذ الترك مخصوص بترك فعل المقدور عليه.
ومن الأمثلة على ذلك: تركه - صلى الله عليه وسلم - الإتيان بالمستجدات الواقعة بعد عصره - صلى الله عليه وسلم - مع وجود مقتضيها؛ كتركه - صلى الله عليه وسلم - استعمال مكبرات الصوت الحديثة في نقل الأذان وتكبيرات الإمام والخطبة فهي غير مقدور عليها.
وقد مثل ابن تيمية لذلك بتركه - صلى الله عليه وسلم - دخول الحمامات، وذلك أن هذه الحمامات لم تكن معروفة ولا متوافرة في بلاد المسلمين قبل الفتوحات.
قال رحمه الله: ليس لأحد أن يحتج على كراهة دخولها أي الحمامات أو عدم استحبابه بكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدخلها ولا أبو بكر وعمر، فإن هذا إنما يكون حجة لو