وَأما عَمْرو بن أم مَكْتُوم الْقرشِي الْأَعْمَى فَأسلم وَأذن لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهَاجَر إِلَى الْمَدِينَة وَأما أَبُو مَحْذُورَة بِالْحَاء الْمُهْملَة والذال الْمُعْجَمَة واسْمه أَوْس الجُمَحِي الْمَكِّيّ أَبُو معير بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْعين وتحريك التَّحْتِيَّة مَاتَ بِمَكَّة سنة تسع وَخمسين وَقيل تَأَخّر إِلَى بعد ذَلِك قَالَ فِي الرَّوْض الْأنف وَأَبُو مَحْذُورَة الجُمَحِي واسْمه سَلمَة بن معير وَقيل سَمُرَة فَإِنَّهُ لما سمع الْأَذَان وَهُوَ مَعَ فتية من قُرَيْش خَارج مَكَّة أَقبلُوا يستهزئون ويحكون صَوت الْمُؤَذّن غيظا فَكَانَ أَو مَحْذُورَة هَذَا من أحْسنهم صَوتا فَرفع صَوته مستهزئا بِالْأَذَانِ فَسَمعهُ رَسُول الله
فَأمر بِهِ فَمثل بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يظنّ أَنه مقتول فَمسح رَسُول الله
ناصيته وصدره بِيَدِهِ الشَّرِيفَة قَالَ فَامْتَلَأَ قلبِي وَالله إِيمَانًا ويقيناً وَعلمت أَنه رَسُول الله
فَألْقى عَلَيْهِ رَسُول الله
الْأَذَان وَعلمه إِيَّاه فَأمره أَن يُؤذن لأهل مَكَّة وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة سنة فَكَانَ مؤذنهم حَتَّى مَاتَ ثمَّ عقبه بعده يتوارثون الْأَذَان وَكَانَ هَؤُلَاءِ المؤذنون المذكورون مِنْهُم من يرجع الْأَذَان ويثني الْإِقَامَة وبلال لَا يرجع ويفرد الْإِقَامَة فَأخذ الشَّافِعِي بِإِقَامَة بِلَال وَأهل مَكَّة أخذُوا بِأَذَان أبي مَحْذُورَة وَإِقَامَة بِلَال وَأخذ أَبُو حنيفَة وَأهل الْعرَاق بِأَذَان بِلَال وَإِقَامَة أبي مَحْذُورَة وَأخذ أَحْمد بِأَذَان بِلَال وإقامته وَخَالفهُم مَالك فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِعَادَة التَّكْبِير وتثنية لفظ الْإِقَامَة وَكَانَ خَطِيبه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثَابت بن قيس بن شماس بِمُعْجَمَة وَمِيم مُشَدّدَة وَآخره سين مُهْملَة وَهُوَ خزرجي شهد لَهُ النَّبِي
بِالْجنَّةِ وَكَانَ خَطِيبه وخطيب الْأَنْصَار وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَقد تقدم ذكره وَأما شعراؤه
فمدحه بالشعر جمَاعَة من رجال الصَّحَابَة وَنِسَائِهِمْ جمعهم الْحَافِظ أَبُو الْفَتْح ابْن سيد النَّاس فِي قصيدة ثمَّ شرحها فِي مجلدة سَمَّاهَا فتح الْمَدْح ورتبهم على حُرُوف المعجم قَارب بهم الْمِائَتَيْنِ وَأما شعراؤه الَّذين كَانُوا بِسَبَب المناضلة عَنهُ والهجاء لكفار قُرَيْش فَإِنَّهُم ثَلَاثَة حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن عَمْرو بن حرَام الْأنْصَارِيّ وَكَانَ يقبل بالهجو