وَفِي تَاسِع رَجَب مِنْهَا توفّي مَوْلَانَا السَّيِّد أَحْمد بن مُحَمَّد الْحَارِث بِمَكَّة المشرفة كَانَ رَحمَه الله آيَة فِي الْعقل والذكاء مرجعاً للأشراف فِي جَمِيع أُمُورهم وَإِذا حكم بِأَمْر لم يقدر أحد أَن يسْتَدرك عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئا لحسن أَحْكَامه وَشدَّة إحكامه وَكَانَ قد ولاه حسن باشا فِي طيبَة كَمَا مر ذكر ذَلِك مُدَّة سِتَّة أشهر أَو قَرِيبا مِنْهَا وَلما رَجَعَ عماد أفندى إِلَى الديار الرومية سُئِلَ عَمَّن يسْتَحق الْملك إِذْ ذَاك من السَّادة الْأَشْرَاف فَقَالَ ثَلَاثَة لَا غير أَحْمد بن الْحَارِث وحمود بن عبد الله وَبشير بن سُلَيْمَان وَدفن فِي قبَّة السَّيِّد مَسْعُود ابْن الشريف حسن وَوضع عَلَيْهِ تَابُوت عَظِيم رَحمَه الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَمَانِينَ وَألف فِيهَا كَانَ خُرُوج الشريف سعيد صُحْبَة الْحَاج الشَّامي إِلَى الديار الرومية بعروض من الشريف بَرَكَات يطْلب فِيهَا أَن يكون وَلَده الشريف سعيد ولي عَهده فَكتب لَهُ أَمر سلطاني وَأَن يكون هُوَ صَاحب مَكَّة بعد وَفَاة أَبِيه فَكَانَ ذَلِك بِرَأْي الشَّيْخ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان وتدبيره فتم لَهُ ذَلِك كُله بعد وَفَاة أَبِيه وَفِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَألف يَوْم الْخَمِيس ثامن شَوَّال مِنْهَا وَقع حَادث غَرِيب وكارث عَجِيب هُوَ أَنه وَقع فِي ليلته أَن لُوِّث الْحجر الْأسود وَبَاب الْكَعْبَة ومصلى الْجُمُعَة وأستار الْبَيْت الشريف بشئ يشبه الْعذرَة فِي النتن والخبث فَصَارَ كل من يُرِيد تَقْبِيل الْحجر يتلوث وَجهه ويداه فَفَزِعت النَّاس من ذَلِك وضجت الأتراك وَاجْتمعت وَغسل الحَجَر والحِجر وَالْبَاب والأستار بِالْمَاءِ وبقى الأتراك وَالْحجاج والمجاورون فِي أَمر عَظِيم وَكَانَ إِذْ ذَاك رجل من فضلاء الأروام يلقب درس عَام فَكَانَ يرى جمَاعَة من الأرفاض بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَينظر صلَاتهم وسجودهم وحركاتهم عِنْد الْبَيْت وَالْمقَام فيتحرق لذَلِك ويتأوه فَلَمَّا وَقع هَذَا الْوَاقِع قَالَ لَيْسَ هَذَا إِلَّا فعل هَؤُلَاءِ الأرفاض اللئام الَّذين يلازمون الْمَسْجِد الْحَرَام وَكَانَ حِينَئِذٍ مَعَ قَضَاء الْملك العلام السَّيِّد مُحَمَّد مُؤمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015