الدِّمَاء ليأكلوها وَذكر أَن بجدة كَانُوا يدورون على الطَّعَام فِي السُّوق فَلَا يجدونه وَأَرْسلُوا إِلَى مَكَّة يطلبونه مَعَ أَن جدة مَمْلُوءَة من الطَّعَام لكنه فِي أَيدي التُّجَّار بل الْفجار كَمَا قَالَه سيد الْأَبْرَار للمحتكرين اللَّهُمَّ عَلَيْك بهم وبجميع المفسدين وَأما أهل مَكَّة المشرفة فقد اجْتمع عِنْدهم فِي هَذَا الْعَام من الْأُمَم مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ لِأَن الجدب والقحط عَام فِي أَرض الْحجاز ونواحيها وكل من اشْتَدَّ بِهِ الْحَال صَار يَأْتِيهَا هَارِبا من بَلَده إِلَى بَيت الله الْعَتِيق يأتونه من كل فج عميق وحلت الْميتَة والبسس وَالْكلاب بعد أَن بيع مَا يملك من أثاث الْبَيْت وَالثيَاب وَصَارَ الْفُقَرَاء يهجمون على الْبيُوت فتعب مِنْهُم النَّاس وصاروا يغلقون الْأَبْوَاب وَفِي هَذَا الشَّهْر اتّفق أَن جَارِيَة لبَعض الْأَعْرَاب يعْرفُونَ بالمشارية دخلت يَوْمًا بَيْتا فَلم تَجِد فِيهِ إِلَّا امْرَأَة عجوزاً وَهِي من جمَاعَة عَسْكَر مصر فخنفتها فقتلتها وَرَآهَا بعض الْجِيرَان فَدَخَلُوا عَلَيْهَا وأمسكوها ودعوا ابْن بنتهَا فجَاء مَعَ جمَاعَة الْعَسْكَر فَأَخَذُوهَا وطلعوا بهَا إِلَى مَوْلَانَا الشريف فَلم يُثبتوا وحبسوها عِنْدهم يَوْمَيْنِ وَفِي الْيَوْم الثَّالِث عصبوا على قَتلهَا فَقَتَلُوهَا يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشري شَوَّال عِنْد الششمة الْمَعْرُوفَة بالبزابيز قلت وَيُقَال إِنَّهَا كَانَت صَاحِبَة لِابْنِ بنتهَا وَكَانَت المقتولة تنهاه عَنْهَا وتحذره مِنْهَا فظنت أَنَّهَا بقتلها يَخْلُو لَهَا وَجه صَاحبهَا فَكَانَ هُوَ الْقَاتِل لَهَا وَالله أعلم أيا كَانَ ذَلِك وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشري شَوَّال الْمَذْكُور وصل خبر من جدة بوصول جمَاعَة من الْعَسْكَر الرُّتْبَة بحراً وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء دخلُوا مَكَّة المشرفة وأخبروا بِخُرُوج الْعَسْكَر من مصر وهم يدْخلُونَ فِي ثَلَاثَة آلَاف وبتجهيز المراكب لأهل الْحَرَمَيْنِ وللعسكر وَفِي لَيْلَة الْجُمُعَة غرَّة ذِي الْقعدَة كَانَ حريق بِأَعْلَى مَكَّة بالمعابدة وَفِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة كَانَ أَيْضا حريق بشعب عَامر بِالْقربِ من ضريح وَالِد سَيِّدي أَحْمد البدوي نفعنا الله بِهِ وَفِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة انقض نجم كَبِير مهيل نَحْو الشرق وَفِي لَيْلَة الْخَامِس مِنْهُ