وقدمهن على كيلتين من الْعَيْش فِي زبدية كَبِيرَة صيني وَجَاء يحملهَا إِلَى الشريف أبي طَالب وَقَالَ يَا سَيِّدي هَذَا عشَاء عَبدك اجبر خاطره جبر الله خاطرك فَغسل الشريف يَده وَأكل من تِلْكَ الزبدية لقيمات ودعا لَهُ ثمَّ دخل مَكَّة فَلَمَّا اسْتَقل بِالْولَايَةِ على مَكَّة وَفد عَلَيْهِ السوداني بعد سنة وَقبل يَده فَقَالَ لَهُ الشريف أَبُو طَالب الزبدية الَّتِي تعشينا فِيهَا عنْدك تعيش فَقَالَ لَهُ نعم يَا سَيِّدي مَوْجُودَة فَقَالَ اذْهَبْ فائتني بهَا فَذهب إِلَى وَادي مر وأتى بهَا فَأمر لَهُ فملئت لَهُ ذَهَبا أَحْمَر كيل الزَّبِيب رَحمَه الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة وَقد أَخْبرنِي الثِّقَة أَنه حَدثهُ من شَاهد مجامر العنبر موقدة تسير مَعَ نعشه من الْبَيْت إِلَى فرَاغ الدّفن نَحْو ثَلَاثَة عشر مجمرا تعج فى الطَّرِيق والأسواق عجيج اللبان وَمِمَّا قيل فِي مدحه قَول الْعَلامَة الْمُفِيد البارع الْمجِيد مَوْلَانَا وجيه الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن عِيسَى بن مرشد الْحَنَفِيّ مادحه وشارحاً غَزَوَاته المقرونة بالنصر وَالظفر ومتخلصاً إِلَى مدح وَالِده الشريف الْحسن بن أبي نمي فَقَالَ // (من الْكَامِل) //

(نَقْعُ العجاجِ لَدَى هياجِ العثْيرِ ... أَذْكَى لدينا من دُخَانِ العنبرِ)

(وصليلُ تجريدِ الحسامِ ووقعُهُ ... فِي الهامِ أشدَى نَغمَة من جؤذرِ)

(وسنا الأسنة لامعاً فِي قسطلٍ ... أسنَى وأسمى من محياً مسفرِ)

(وتسربل فِي سابغاتِ مسردٍ ... أزهَى علينا من سدوسٍ أخضرِ)

(وكذاكَ صهوةُ سَابِحٍ ومطهّمٍ ... أشهَى إِلَيْنَا مِنْ أريكةِ أحوَرِ)

(ولقا الكميِّ مدرعاً فِي مغفرٍ ... كلقا الغريرِ بمقْنعٍ وبمخمرِ)

(ألفَتْ أسنتنا الْوُرُود بمنهلٍ ... علقَتْ بِهِ علقَ النجيعِ الأحمرِ)

(وسيوفنا هجرَتْ جوَار غُمُودها ... شوقاً لهامة كُلِّ أصيَدَ أصعَرِ)

(فتخالُهَا لمَّا تجرَّد عِنْد مَا ... هاجَ القتامُ بوارقاً بكنهورِ)

(وصَهِيل جُرْد الخيلِ خيل كَأَنَّهُ ... رَعْدٌ يزمجرُ فِي الجدا المثعنجرِ)

(ودَمُ العدى متقاطرًا متدفقًا ... كالويلِ كالسيلِ الجرافِ الحورِ)

(ورءوسُهُمْ تجْرِي بِهِ كجنادِلٍ ... قذفَتْ بهَا موج السيولِ المقمرِ)

(غشيَتْهُمُ فِي العامِ منا فرقَةٌ ... تركَتْ فريقهم كسَبْسب أقفرِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015