استدعي ابْن عَتيق وَسَأَلَهُ عَن أَفعاله فَقَالَ قد فعلت جَمِيع ذَلِك ثمَّ رده إِلَى الْحَبْس فَفِي لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ أَخذ ابْن عَتيق جنبية العَبْد الوصيف المرسم عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِم فَاسْتَيْقَظَ العَبْد وخلصها مِنْهُ فَلَمَّا أصبح الوصيف أخبر سَيّده الشريف أَبَا طَالب بذلك فجبذ جنبيته وَقَالَ لَهُ خُذ هَذِه وَقل لِابْنِ عَتيق لَا تسرق الجنبية فِي اللَّيْل هَذِه جنبيتي إِن كنت تُرِيدُ أَن تقتل نَفسك فَاقْتُلْهَا وأسرع بإرسالها إِلَى جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير فَلَمَّا جَاءَ الوصيف وَقَالَ لَهُ مَا قَالَه الشريف أَبُو طَالب أَخذهَا مِنْهُ وَأدْخل مِنْهَا فِي بَطْنه نَحْو إِصْبَع ثمَّ أخرجهَا ثمَّ أَعَادَهَا وَأدْخل مِنْهَا ضعف الأول ثمَّ أخرجهَا ثمَّ أدخلها جَمِيعًا ثمَّ أخرجهَا وَقَالَ وامالى وَاسْتمرّ ذَلِك الْيَوْم إِلَى ظهر الْغَد يَوْم الثُّلَاثَاء من جُمَادَى الْآخِرَة من سنة 1010 عشر وَألف فَخرجت روحه إِلَى غير رَحْمَة فقد كَانَ مرتكباً جَمِيع أَنْوَاع الْمعاصِي حَتَّى لقد بَلغنِي من جمَاعَة بِكَثْرَة أَنه كَانَ يسْجد للشمس وَأما انتهاكه للشَّرْع الشريف فشئ لَا يُوصف وَكَانَ يتبجح وَيَقُول الشَّرْع مَا نريده وَلَقَد أبطل فِي أَيَّامه عدَّة من الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة كالوصايا وَالْعِتْق وَالتَّدْبِير وَبَاعَ أُمَّهَات الْأَوْلَاد بأولادهن قَائِلا هَذِه حجَّة شَرْعِيَّة أَن فلَانا سَيِّدهَا اعْترف أَن مَاله جَمِيعه لفُلَان فوطؤها حرَام عَلَيْهِ وَالْولد ولد زنا وَكَثِيرًا مَا يَأْخُذ حجَّة الْعتْق ويمزقها ويتملك الْمَكْتُوب لَهُ الْعتْق فِيهَا حَتَّى أَنه بَقِي إِذا مَاتَ شخص من أَرْبَاب الصرور والحبوب والجهات أظهر على المتوفي فراغاً من هَذَا الأسلوب ويتناول المحلول جَمِيعه ثمَّ هُوَ يَبِيعهُ على شخص آخر فسبحان الْحَلِيم الَّذِي لَا يعجل يُمْهل وَلَا يهمل وَقد قَالَ
إِن رَبك ليملي للظالم حَتَّى إِذا أَخذه لم يكن ليفلته فقد أَخذ ابْن عَتيق على غرَّة وَقتل نَفسه وَرمى بِهِ فِي درب جدة فِي حُفْرَة صَغِيرَة بِلَا غسل وَلَا صَلَاة وَلَا كفن ورمت عَلَيْهِ الْعَامَّة الْأَحْجَار وعملت الْفُضَلَاء فِيهِ تواريخ مِنْهَا قَول بَعضهم // (من الرجز) //
(أَشْقَى النفوسِ الباغيَهْ ... إِبْنُ عَتِيق الطاغيَهْ)