واستحيا من قُوَّة مَعْرفَته بِالْمَقْصُودِ واستوائه جَالِسا ثمَّ ذكر وَالِده الْكَرِيم وَتَقْرِير محبته وطاعته لَهُ ثمَّ فسر بِعَدَمِ مُوَافَقَته على الْبَاطِل وَهَذَا من نور النُّبُوَّة بِلَا شكّ وَلَا ريب وَمن ذَلِك أَن جَمِيع مَا يرقمه للخاص وَالْعَام يبدؤه بِذكر الله تَعَالَى ويختمه بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَام على جده مُحَمَّد خير الْأَنَام ثمَّ يتبع ذَلِك بقوله حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل وَفِي ذَلِك مَا لَا يحد من الْخَيْر وَلَا يُحْصى وَلَا يحصر وَلَا يستقصى وَيَكْفِيك أَنه من أَفعَال الْعلمَاء العاملين والصلحاء الكاملين وَمن ذَلِك مَعْرفَته للعبارة التركية وَأكْثر اللُّغَة الفارسية وَغَيرهمَا من ألسن الْبَريَّة وَلكنه لَا يكْتب بذلك وَلَا يتَكَلَّم حذرا من غلطة لِسَان أَو سبق قلم فيستعمل الترجمان فِي الْكَلَام وَكَذَلِكَ فِي المكاتيب على الدَّوَام وَمن ذَلِك أَنه إِذا اشْتَكَى عَلَيْهِ صَاحب ظلامة أَو دَعْوَى يسمع شكواه جيمعا ثمَّ يتشاغل عَنهُ ثمَّ يستعيده مَا قَالَ فَإِن اخْتَلَّ كَلَامه اختلالاً فَاحِشا اسْتدلَّ على عدم صدقه وَأَقْبل عَلَيْهِ بِوَجْه يَلِيق بِهِ وَفِي هَذَا من الْكَمَال مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ وَهُوَ كَونه يحفظ الْقِصَّة مَعَ طولهَا من أول سَماع ثمَّ يستنبط من مُخَالفَة ألفاظها حكما بَالِغَة يقف بِسَبَبِهَا على حَقِيقَة أَمر صَاحبهَا وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا من إلهامات إلهية مستفاده من قَوْله

الْحَاكِم ينظر بِنور الله تَعَالَى ذكر كرمه وجوده وإنعامه على وفوده خُصُوصا الْعلمَاء والصلحاء والفقراء وَالشعرَاء فَمِنْهُ عِنْد زِيَارَة جده

وَذَلِكَ أَنه فِي أول عَام ولَايَته للأقطار الحجازية أخبر من يعْتَمد على نَقله أَن عطاياه للْعُلَمَاء وَالشعرَاء فَقَط كَانَت مَا يزِيد على ألفي دِينَار ذَهَبا جَدِيدا وَمِنْه وَهِي من عطاياه الشَّرِيفَة وتفرداته وأولياته المنيفة أَنه إِذا عقد نِكَاحا لنَفسِهِ أَو أَوْلَاده يطْلب أَعْلَام الْعلمَاء وأعيان الصلحاء تبركاً بحضرتهم واغتناماً لدعوتهم فَإِذا تمّ ذَلِك العقد أَمر بِكِتَابَة أَسمَاء الْحَاضِرين ثمَّ يعين لكل مِنْهُم شَيْئا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015