يتَخَلَّف بالمبعوث ليلبس هُوَ الخلعة فَخرج مَعَ عَمه السَّيِّد ثقبة إِلَى المختلغ فَتقدم الشريف أَبُو طَالب وَلبس الخلعة الأولى خلعة وَالِده مُتَقَدما على عَمه ثمَّ لبس السَّيِّد ثقبة الخلعة الثَّانِيَة فَوَقع لَهُ مَا وَقع بِسَبَبِهِ لِابْنِ أَخِيه وَأورد مورده الَّذِي كرع فِيهِ فَتوفي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى حادي عشر صفر من السّنة الَّتِي بعْدهَا أَعنِي سنة ثَمَان بعد الْألف ومولانا السَّيِّد ثقبة أكبر إخْوَان الشريف حسن كَانَ مولده سنة خمس وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رجلا عَاقِلا صبوراً متحملاً كثير الملايمة والتودد إِلَى النَّاس وَله فَضِيلَة وَشعر حسن ومفاكهة لَطِيفَة وَله من الْأَوْلَاد سِتَّة ذُكُور وَابْنَة وَاحِدَة وَكَانَ مَوْلَانَا الشريف حسن يراعيه الرِّعَايَة التَّامَّة وَكَانَ لَهُ محصول كَبِير جدا من جِهَات عديدة فَلَمَّا مَاتَ قرر لكل وَاحِد من أَوْلَاده فِي كل شهر ألف أشرفي فضَّة غير المقررات السَّابِقَة وللبنت خَمْسمِائَة أشرفي وَقَالَ لَهُم إِن وَالِدي الشريف أَبَا نمي رَحمَه الله تَعَالَى لما فرغ بالسلطنة اخْتَار أَن يكون مقرره فِي كل شهر ألف أشرفي وَأَنا أَقمت لكل وَاحِد مِنْكُم ألف أشرفي عوض الْجِهَات الَّتِي كَانَت لوالدكم أَعنِي من المعشرات وخراج الْأَرَاضِي فَإِن تِلْكَ لائقة بِصَاحِب الْأَمر وَالله يلهمكم الصَّبْر ويعظم لكم الْأجر وفيهَا توفّي رَئِيس الْأَطِبَّاء دَاوُد بن عمر الْأَنْطَاكِي المتوحد بأنواع الْفَضَائِل وَالْمُنْفَرد بِمَعْرِِفَة عُلُوم الْأَوَائِل شيخ الْعُلُوم الرياضية سِيمَا الفلسفية وَعلم الْأَبدَان القسيم لعلم الْأَدْيَان فَإِنَّهُ بلغ فِيهِ الْغَايَة الَّتِي لَا تدْرك وانْتهى إِلَى الْغَايَة الَّتِي لَا تكَاد تملك لَهُ فضل لَيْسَ لأحد وَرَاءه فَضلَة وَعلم لم يحز أحد فِي عصره مثله يكَاد لقُوَّة حدسه يسْتَشف الدَّاء من وَرَاء حجابه ويناجيه بِظَاهِر علاماته وأسبابه حكى أَن الشريف حسن لما اجْتمع بِهِ أَمر بعض إخْوَته أَن يُعْطِيهِ يَده ليجس نبضه وَقَالَ لَهُ الشريف حسن جس نبضي فَأخذ يَده فَقَالَ هَذِه الْيَد لَيست يَد الْملك فَأعْطَاهُ الْأَخ الثانى يَده فَقَالَ كَذَلِك فَأعْطَاهُ الْأَخ الثَّانِي يَده فَقَالَ كَذَلِك فَأعْطَاهُ الشريف حسن يَده فحين