وَاسْتمرّ مَوْلَانَا الشريف حسن إِلَى أَن انْتقل وَالِده الشريف أَبُو نمي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى فِي أول عَام اثْنَيْنِ وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة فاستقل بِالْملكِ وأعبائه وَشد أزره بِالتَّدْبِيرِ من سَائِر جهاته وأنحائه واستخدم الحزم فِي شَدَائِد الْأُمُور الشاسعة وسلك فِي محجته الطَّرِيق الْوَاضِحَة الواسعة فصير ولَايَة الْحَرَمَيْنِ خلَافَة ومهد الْقَوَاعِد السُّلْطَانِيَّة والقوانين الحسنية بِدُونِ مَخَافَة وَجلسَ على سَرِير الْملك جُلُوس مُتَمَكن وبذل الهمة فِي إصْلَاح الرعايا بِكُل وَجه مُمكن واستصحب الْإِقْدَام فِي صعائب الْأُمُور وَثَبت الْأَقْدَام فِي المواقف الَّتِي تهب لَهُ بِالْقبُولِ ولأعدائه بالدبور وَظهر بِهِ شَأْن أهل بَيت النُّبُوَّة من الشجَاعَة وَالْقُوَّة وأذكر بِمَا أبداه من شرِيف المناقب أَحْوَال جده أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب وَله الاراء السديدة والغزوات العديدة فِي المواطن الْقَرِيبَة والبعيدة يساعده فِيهَا السَّيْف وَالْقدر ويخدمه الْفَتْح وَالظفر طالما كشف بغزواته كل غمَّة وأوضح من الْخطب كل وَاقعَة مدلهمة ووطئ بحوافر خيله سباسب تضل فِيهَا الخطا وأودية لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا القطا كم فتح بعزمه حصناً صَعب المرقى واقتحم بخيله ذرْوَة لَا يصل إِلَيْهَا نظر الزرقا يتَصَرَّف فِي السعد كَأَنَّهُ عبد بَابه ويتأمر فِي الظفر كَأَنَّهُ لَازم ركابه وَله السَّرَايَا الْكَثِيرَة وَهِي عَن التَّفْصِيل غنية شهيرة لم يُؤمر فِيهَا إِلَّا أَوْلَاده النجباء وَقل مَا أَمر غَيرهم من الأقرباء وكل سراياه لَا تعود إِلَّا بالنصرة التَّامَّة وتنبئ فِي سَائِر الْآفَاق عَن البشائر الْعَامَّة وَقد بعث جمَاعَة من أَوْلَاده الْكِرَام وَمِمَّنْ بَعثه مِنْهُم فأبان عَن الْفِعْل الْحسن السَّيِّد الْحُسَيْن بن الْحسن وَمِنْهُم الشريف أَبُو طَالب المصاحب للنصرة فقد أرْسلهُ وَعَاد بالظفر غير مَا مرّة وَمِنْهُم السَّيِّد مَسْعُود فَحصل بإرساله السُّعُود وَمِنْهُم السَّيِّد عقيل فنال فِي مبعثه غَايَة التأميل وَمِنْهُم السَّيِّد عبد الْمطلب فَأصْبح بتجهيزه للسؤدد مجتلب