يُوسُف بن أَيُّوب الوزارة بعد عَمه أَسد الدّين وخلع عَلَيْهِ خلعة سنية ولقبه الْملك النَّاصِر قَالَ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو شامة فِي كتاب الروضتين صفة الخلعة الَّتِي لبسهَا صَلَاح الدّين يَوْمئِذٍ هِيَ عِمَامَة بَيْضَاء بِطرف ذهب وثوب ديبقي بطراز الذَّهَب وجبة بطراز ذهب وطيلسان مطرز بِذَهَب وَعقد جَوْهَر بِعشْرَة آلَاف دِينَار وَسيف محلى بِخَمْسَة آلَاف دِينَار وحجرة من الْخَيل بِثمَانِيَة آلَاف دِينَار وَعَلَيْهَا طوق ذهب وسرفسار ذهب بجوهر وَفِي رَأسهَا مِائَتَا حَبَّة جَوْهَر وَفِي قَوَائِمهَا أَرْبَعَة عُقُود جَوْهَر وَفِي رَأسهَا قضيب ذهب وَمَعَ الخلعة عدَّة بقج وخيل ومنشور الْولَايَة فِي ثوب أطلس أَبيض وَكَانَ ذَلِك يَوْم الِاثْنَيْنِ الْخَامِس وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة الْمَذْكُورَة وَأقَام صَلَاح الدّين بالديار المصرية بِصفة نَائِب للْملك نور الدّين الشَّهِيد مَحْمُود ابْن زنكي يخْطب لَهُ على المنابر بالديار المصرية بعد الْخَلِيفَة وَقد قَالَ بعض الشُّعَرَاء فِي قتل صَلَاح الدّين شاور من الطَّوِيل
(هَنِيئًا لِمصْرِ حَوْزُ يوسُفَ مُلْكَهًا ... بأَمْرٍ مِنَ الرحْمَنِ قَدْ كَانَ مَوْقُوتاَ)
(وَمَا كَانَ فِيها قَتْلُ يوسُفَ شاوراً ... يماثلُ إلاَّ قَتْلَ داوُدَ جَالُوتاَ)
وارتفع قدر صَلَاح الدّين بَين الْعباد بِتِلْكَ الْبِلَاد واضطهد العاضد فِي أَيَّامه غَايَة الاضطهاد وَزَاد فِي إقطاعات الَّذين مَعَه فَأَحبُّوهُ وخدموه واحترموه فاستمر حَتَّى كَانَ أول جُمُعَة من سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَهِي السّنة الَّتِي توقي فِيهَا الْخَلِيفَة العاضد قبل وَفَاته أَمر بِإِقَامَة الخطية لبنى الْعَبَّاس ب مصر وَفِي الْجُمُعَة الثَّانِيَة ب الْقَاهِرَة وَكَانَ ذَلِك يَوْمًا مشهوداً وَلما انْتهى الْخَبَر بذلك إِلَى الْملك نور الدّين الشَّهِيد مَحْمُود بن زنكي ب الشَّام أرسل إِلَى الْخَلِيفَة يُعلمهُ بذلك مَعَ ابْن عصرون فزينت بَغْدَاد وغلقت الْأَسْوَاق وَفَرح الْمُسلمُونَ فَرحا شَدِيدا وَكَانَت الْخطْبَة عَن بني الْعَبَّاس قد قطعت من سنة تسع وَخمسين وثلاثمائة فِي خلَافَة الْمُطِيع العباسي حِين تغلب الفاطميون وَهن الْمُسلمُونَ بالعُبَيديين على مصر وملكها مِنْهُم الْمعز الفاطمي باني الْقَاهِرَة والقصرين