أكَابِر الدعاة إِلَيْهِ والمحرضين عَلَيْهِ هَذَا وَقد أدخلُوا مَعَهم فِي هَذَا الْأَمر بعض من ينتسب إِلَى الْملك النَّاصِر وَذَلِكَ من قلَّة عُقُولهمْ وَكَثْرَة جهلهم فخانهم أحْوج مَا كَانُوا إِلَيْهِ وَهُوَ الشَّيْخ زيد الدّين عَليّ بن نجا الْوَاعِظ فجَاء إِلَى السُّلْطَان وَأخْبرهُ بِمَا تمالأ عَلَيْهِ الْقَوْم وَمَا انْتهى أَمرهم إِلَيْهِ فَأطلق لَهُ السُّلْطَان أَمْوَالًا جزيلة وأفاض عَلَيْهِ خلعا جملَة ثمَّ استدعاهم السُّلْطَان وَاحِدًا وَاحِدًا فقررهم فأقروا لَهُ بذلك فاعتقلهم ثمَّ استفتى الْعلمَاء فِي أَمرهم فأفتوا بِقَتْلِهِم وتبديد شملهم فَعِنْدَ ذَلِك أَمر بهم فَصَلبَتْ رُءُوسهم وأعيانهم دون أتباعهم وغلمانهم وَأمر بِنَقْل من بَقِي من جَيش العنيديين إِلَى أقاصي الْبِلَاد وَقد كَانَ عمَارَة هَذَا معاديَاً للْقَاضِي الْفَاضِل فَلَمَّا حضر بَين يَدي السُّلْطَان قَامَ القَاضِي الْفَاضِل فَاجْتمع بالسلطان ليشفع فِيهِ فَتوهم عمَارَة أَنه تكلم فِيهِ فَقَالَ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان لَا تسمع مِنْهُ فَغَضب القَاضِي الْفَاضِل ونهض وَخرج من الْقصر فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان إِنَّه كَانَ قد شفع فِيك فندم عمَارَة ندماً عَظِيما وَلما ذهب بِهِ ليصلب اجتاز بدار القَاضِي الْفَاضِل فَطَلَبه فتغيب عَنهُ فَأَنْشد عِنْد ذَلِك قَائِلا من // (الرجز) //

(إِنَّ الْخَلاصَ هُوَ الْعَجَبْ ... عَبْدُ الرَّحِيمِ قَدِ احْتَجَبْ)

قَالَ ابْن أبي طي وَكَانَ الَّذين صلبوا الْفضل بن كَامِل القَاضِي وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم هبة الله ابْن عبد الله بن كَامِل قَاضِي قُضَاة الديار المصرية زمن الفاطميين ويلقب بفخر الْأُمَنَاء وَهُوَ أول من صُلب وَقد كَانَ ينْسب إِلَى فَضِيلَة وأدب وَله شعر رائق مِنْهُ فِي غُلَام رفاء من // (مخلع الْبَسِيط) //

(يَا رَافِيًا خَرْقَ كُلِّ ثَوْبٍ ... وَيَا رَشًا حُبُّهُ اعْتِقادِي)

(عَسَى بِكَفِّ الوِصَالِ ترْفُو ... مَا مَزَّقَ الهَجْرُ مِنْ فُؤَادِي)

وَابْن عبد الْقوي دَاعِي الدعاة وَكَانَ يعلم بدقائق الْقَصْد فَعُوقِبَ ليعلم بهَا فَامْتنعَ من ذَلِك فَمَاتَ واندرست وشريا كَاتب السِّرّ وَعبد الصَّمد أحد أُمَرَاء المصريين ونجاح الحمامي رجل منجم نَصْرَانِيّ كَانَ قد بشرهم بِأَن هَذَا الْأَمر يتم بِعلم النجوَم وَعمارَة اليمني هَذَا وَقد كَانَ شَاعِرًا مطبقاً بليغاً فصيحاً لَا يُلحق فِي هَذَا الشَّأْن وَله ديوَان مَشْهُور ذكره ابْن السُّبْكِيّ فِي طبقاته وَله فِي الفاطميين ووزرائهم وأمرائهم مدائح كَثِيرَة جدا وَأَقل مَا نسب إِلَى الرَّفْض وَقد اتهمَ بَاطِنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015