وقد أثّرت هذه السنوات في فنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيادة الشعوب.
بل وأثّرت حتى على أسلوبه - أحياناً -
"فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ" أبو داود والنسائي
قالها - صلى الله عليه وسلم - وهو يُرغِّب في الجماعة،
وينفّر من الانسلاخ عنها.
وقصة الأعرابي الذي أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال له: هل أحسنت إليك؟
قال الأعرابي: لا. ولا أجملت.
فغضب المسلمون، وقاموا إليه، فأشار - صلى الله عليه وسلم - إليهم أن كفوا عنه.
ثم قام ودخل منزله، وأرسل إلى الأعرابي، وزاده شيئاً، ثم قال له: أحسنت إليك؟
قال نعم. فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً،
وقال ذلك أمام الصحابة. فقال - صلى الله عليه وسلم -
"إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه، فأتبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفوراً"
فناداهم صاحب الناقة: خلّوا بيني وبين ناقتي، فإنّي أرفق بها وأعلم.
فتوجه لها بين يديها، فأخذ لها من قُمام الأرض - أي حشائشها - فردّها هونا هونا، حتى جاءت، واستناخت، وشدّ عليها رحله. واستوى عليها. "الإحياء حـ 2 صـ 336"
فواضح في هذه القصة بقايا عمله في فنّ رعاية الغنم.
والحديث قبلها كذلك.
وجاء الأمر صريحاً في قوله - صلى الله عليه وسلم -
"وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ" البخاري ومسلم.
* * *