بدأت هذه الرحلة المباركة من رعايته - سبحانه - للنبي اليتيم.
ومعلوم أن اليتم قبل البلوغ. وإلى هذه المرحلة أشار القرآن الكريم، بقوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} (سورة الضحى)
ومن آواه الله حفظ خُلقه، ونشَّأة فيما يريد. وأعدّه لما يريد.
{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (124 سورة الأنعام)
وقد وردت بعض الأخبار في تفصيل عناية الله لأخلاق (اليتيم) وحفظه - سبحانه - لليتيم من الشرك ومن مفسدات الفطرة.
فكان زهرة في الصحراء. عافًّا في بيئة لا تعرف العفاف.
ولم يستطع أعداؤه أن ينطقوا بكلمة واحدة عن ماضيه كلمة من شأنها أن تصرف الناس عنه وعن دعوته، ولو استطاعوا لفعلوا.
فالصفحة الأولى من رحلته الأخلاقية أنه اليتيم الذي رعاه الله.
ليُعدّه لأمر عظيم.
وسوف نذكر بعض ما ثبتت صحته من أخبار طفولته - صلى الله عليه وسلم - وحصيلة الصحيح في هذه المرحلة - مع أهميتها - قليلة.
* الله تولاه برعايته
الخبر الذي اشتهر بين الكتّاب عن سعي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صباه ليشارك قومه في حفل زواج، وطلب من فتى من قريش يبُصر له غنمه، حتى يُسمر هذه الليلة بمكة، كما يسمر الفتيان، فخرج حتى جاء أدنى دار من دور مكة، فسمع غناء وصوت دفوف ومزامير، فسأل: ما هذا؟
قالوا: فلان يتزوج.
يقول: فلهوت بذلك، حتى غلبتني عيني فنمت.
فما أيقظني إلاّ مسّ الشمس، فرجعت إلى صاحبي.