وكل عاقل يسأل: لحساب من كان يعمل محمد - صلى الله عليه وسلم؟!!
هذا الرجل العظيم، الذي جاء الحياة فأعطى كثيراً ولم يأخذ.
جعل غُرْمَ الإسلام عليه، وعلى آل بيته، فلما شرع الله الصدقة، ثم فرض الزكاة. حرَّمها على نفسه، وعلى آل بيته.
وقال: نحن آل محمد لا نأكل الصدقة.
لقد أخذ تمرة من يد الحسين وهو طفل، وألقاها على التمر، لأنها من تمر الصدقة. لحساب من كل يعمل - صلى الله عليه وسلم -؟!!
إن الدارس لسيرته يرى أن أقرب الناس إليه، وأعرفهم به،
هم أكثر الناس يقينا بدعوته، أكثرهم تضحية في سبيلها، بالنفس والنفيس.
فلحساب من كل يعمل هذا النبي الكريم؟!!
* * *
إذ كانت السيدة خديجة - رضي الله عنها - قد احتجت بأخلاقه - صلى الله عليه وسلم - على صدق نبوتّه.
فإن الذين كفروا به لم يطعنوا في أخلاقه، ولم يشكّوا فيها.
فعندما حاول النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن يستثمر ثقتهم في ماضيه الأخلاقي، ويستثمرها في إقناعها برسالته. سألهم:
"أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل أكنتم تصدقوني؟ "
قالوا: نعم. أنت عندنا غير متّهم. وهذه شهادة جماعية بأخلاقه - صلى الله عليه وسلم -.
فعندما أراد أن ينتقل منها إلى انتزاع شهادة بنبوته، صدمهم في مألوفهم وموروثهم. "فلم يكن ما بالقوم أنهم لا يصدقون محمداً، ولا أنهم ينكرون فيه الشرف.