فنقول على هذا: إن قول ربنا: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ} [الزخرف:29] إن (بل) هنا للإضراب الانتقالي وليست للإبطال؛ لأننا لو قلنا: إنها للإبطال لأصبح هناك اتصال فيبطل المعنى، لكن (بل) هنا للإضراب الانتقالي، فيصبح الكلام بعد أن ذكر الله خبر إبراهيم يقول لنبيه: أما هؤلاء وآبائهم فقد متعتُهم ما شئت أن أمتعهم دون نبي أو رسول، ولا علاقة لهم بإبراهيم، {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ -أي: القرآن- وَرَسُولٌ مُبِينٌ} [الزخرف:29] أي: أنت يا محمد.
ثم قال الله: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ} [الزخرف:30] والكلام الآن عن كفار قريش ولا علاقة لإبراهيم بالمسألة، {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف:30]، وهذا قد مر معنا: أنهم وصفوا القرآن بأنه سحر؛ لما ينجم عنه في زعمهم من التفريق بين الرجل وزوجته، والوالد وولده.