إذاً: فيا من تفسر القرآن ثمة ألفاظ تتفق في أحرفها وتختلف في معناها، وإن كان الجرم الأول لمعناها هنا لكن تأتي لها دلالات، فمثلاً قال الله جل وعلا: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} [المائدة:30]، وهو أخوه لأبيه وأمه؛ لأن الحديث عن قابيل، وهابيل، وقال الله في هود: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [هود:50] وليس أخاهم لأمهم وأبيهم، لكنه أخوهم في القبيلة، وقال الله تبارك وتعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف:38] أي: شبيهتها ومثيلتها في الجرم، وقال الله جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10]، أي: إخوة الدين، وقال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص:23] أي: شريكي وصاحبي، وقال الله جل وعلا: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} [الأعراف:202] أي: أولياؤهم، فاللفظ واحد والمعاني مختلفة.
ومثال أخر كلمة آية، قال الله جل وعلا: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ} [هود:103] أي: عضة وعبرة، وقال الله جل وعلا: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الروم:20] هنا آية بمعنى برهان ودليل، وقال الله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء:128] أي: البناء الرفيع.
وتأتي آية بمعناها في المصحف، قال الله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} [النحل:101].