بين يدي السورة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أراد ما العباد فاعلوه، ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعاً لأطاعوه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: في هذا اللقاء المبارك سنشرع في تفسير سورة الزخرف، وقبل أن نستفتح تفسيرها نعرّج إجمالاً على هذه السورة المباركة، وهي سورة مكية، وداخلة فيما يسمى سور آل حم، وسور الحم تسمى ديباج القرآن، وسيمت ديباج القرآن لأنهن حملن مواعظ ورقائق وأخبار وليس فيهن أحكام، وكلهن ابتداء بغافر وانتهاء بالأحقاف بدأن بقول الله جل وعلا: ((حم))، ولهذا تسمى آل حم.

وسورة الزخرف هي إحدى هذه السور المباركات، وقلنا: إنها سورة مكية، والزخرف في اللغة كمال الزينة والحسن، وهذه اللفظة المباركة وردت في القرآن في موضع أخر وردت في الإسراء: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} [الإسراء:93]، ووردت: {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام:112] وهي في الأنعام، ووردت كذلك: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ} [يونس:24]، فهذا الموضع الرابع لذكرها في القرآن، وبها سميت السورة.

قال الله جل وعلا في فاتحتها: بسم الله الرحمن الرحيم {حم} [الزخرف:1] وقد بينا أن هذه فواتح القرآن، وذكرنا أقوال العلماء فيها في حلقات قد مضت.

قال ربنا: {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الزخرف:2] هذا قسم، الواو للقسم، والمقسم به كلام الله جل وعلا، والمبين: الواضح البيّن، وسنقف عند الآية الخامسة ثم نعرج على جملة من القضايا، نبدأ بالأولى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015