ثم قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ} [الأنعام:14] والكلام للنبي صلى الله عليه وسلم {أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} [الأنعام:14] أي: فلم يتحرر عند أحد حقيقة التوحيد كما تحررت عندي، ولم يقف أحد على البراهين والملكوت كما وقفت عليها، ولم يعط أحد كرامة في العلم من عند الله كما أعطيت، فوجب على هذا أن أكون أول من أسلم؛ لأنني أنا المصطفى من العباد والمقرب من الرسل، فوقفت على ما لم يقفوا عليه ونظرت فيما لم ينظر فيه أحد بكرامة الله علي، فبدهياً أن يكون صلى الله عليه وسلم كما قال: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} [الأنعام:14] أي: من هذه الأمة إذا اعتبرنا الترتيب الزمني، فالمقصود أنه أول من أسلم من هذه الأمة، وإذا اعتبرنا العلو فهو عليه الصلاة والسلام أشد الناس وأعظم الخلق إيمانا {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} [الأنعام:14] ولما كان الله قد بين أنه لا إيمان إلا إيماناً مقروناً بالكفر بالطاغوت قال الله جل بعدها: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام:14].