والآية التي نحن بصددها هنا هي قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور:27].
فالياء حرف نداء، والمنادى هم الذين آمنوا، والنداء بـ (الذين آمنوا) يسمى نداء كرامة، في حين أن النداء بقوله: (يا أيها الناس) أو: (يا بني آدم) نداء علامة بحسب ما اتصفوا به، فـ (يا أيها الذين آمنوا) نداء كرامة، والمؤمن كريم على الله.
ومن أعظم الدلائل على أن المؤمن كريم على الله ما روي من أن خلف بن عمرو قرأ على أحد الصالحين القرآن، فلما وصل إلى قول الله جل وعلا: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:7] بكى الرجل الذي كان يقرأ عليه القرآن، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: يا خلف! انظر كرامة المؤمن عند الله، نائم على فراشه وتستغفر له حملة العرش!