بيان معنى قوله تعالى (لا تحسبوه شراً لكم)

قال تعالى: {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور:11].

كما قال تعالى في سورة القمر: {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} [القمر:3] فالعبرة بالنهايات، فالنقص في البدايات لا يدوم، بل العبرة بما استقر عليه الأمر، وهو المطلوب والمقصود، وقد استقر الأمر على براءة عائشة وصفوان قال الله تعالى: {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ} [النور:11].

وبعض العلماء رحمهم الله يقول: إن المقصود صفوان وعائشة، ولكن الله جمع من باب ما هو كائن في أساليب لغة العرب، وهذا بعيد، وإن كان هذا الأسلوب موجوداً في لغة العرب، ولكن لا يمكن حمل المعنى هنا عليه، بل المعنى أن الأمة كلها تستفيد من هذا الحديث، فأما الذين ظُلِموا في الإفك فهو رفع لدرجاتهم، وشرف لهم أن يذكروا في القرآن، وأن تنزل براءتهم في القرآن.

وأما الذين لم يذكروا من المؤمنين المعاصرين للحدث، أو المؤمنين الآتين بعد نزول الآيات، فإن في ذلك موعظة وأدباً لهم لاختيار هدي الله جل وعلا في تربية المجتمع، على أنه ينبغي أن يعلم أنه لا يوجد خير محض ولا شر محض، بل الأمور بالغالب، وأما الخير المحض ففي الجنة، والشر المحض في النار.

قال تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ} [النور:11] أي: من الذين خاضوا في الإفك {مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ} [النور:11].

و (اكتسب) توافق (كسب) إلا أن العرب في فصيح كلامها تستعمل (كسب) في الخيرات، و (اكتسب) في الآثام.

قال تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ منهم} [النور:11] أي: تولى أصل القضية وحرص على إذاعتها وتبنى إشاعتها {لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور:11] والمقصود به عبد الله بن أبي بن سلول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015