قال الله تعالى: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور:2] الرأفة مصدر (رأف)، وهي حالة تنتاب الشخص إذا رأى ما يحزنه في المرءوف به، والمعنى أن إقامة حد الله جل وعلا وما ينجم عن ذلك من مصالح أعظم من المصلحة الناجمة عن الرفق بذلك الذي سيحد.
قال الله تعالى: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النور:2]، وهذا قيد المقصود منه إثارة ما في القلب من نصرة للدين، ولكنه لا يطبق حرفياً، بمعنى أنه يأتي أحد فيقول لمن أصابته رأفة على مجلود: إنه لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فيخرجه من الملة.
فلا يمكن أن يقول عاقل بهذا، وهذه مسألة يقع فيها كثير من الفضلاء، حيث يأتون إلى القيد فيقلبونه فيحتجون به على مسائل عديدة، ولو استقام القلب لاستقام كل شيء، ولكنه لا يستقيم، فلا بد من أن ينظر في قرائن أخرى حول النص.
فالآية هنا لا يمكن أن يقال بمفهوم مخالفتها، وهو أنه إذا أخذتنا رأفة بذلك المجلود فمعنى ذلك أننا لا نؤمن بالله واليوم الآخر، فهذا محال، ولكن نقول: إن كمال الإيمان هنا منتف؛ لوجود قرائن أخرى تمنع أن نقول بكفر من يصنع ذلك.
والمقصود من هذا هو التريث قبل إطلاق الحكم، وهذا هو الذي دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.