قال الله جل وعلا: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا} [الكهف:89 - 90] أي: الشمس، فانتقل من المغرب إلى المشرق، قال تعالى: {تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف:90]، أي: أنهم في فقر شديد، فهم يسكنون بيوتاً وكهوفاً وصخوراً، ولم يذكر الله جل وعلا شيئاً عن أمرهم هذا، قال: {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا} [الكهف:91].
ثم قال: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف:89]، أي: أخذ بالأسباب ومضى.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} [الكهف:93]، ولا ندري أي السدين، ويرجح أنها في أذربيجان جهة الاتحاد السوفيتي، ويقال: غير ذلك، وقلنا: أغفل الله مكانها، لكن السدين هنا هما الجبلان العظيمان.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} [الكهف:93]، أي: ضعاف عقول، {قَالُوا} [الكهف:94] أي: هؤلاء {يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ} [الكهف:94]، ونصبت (ذا)؛ لأنها منادى مضاف، وهو من الأسماء الخمسة ينصب بالألف.
{قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} [الكهف:94]، والمشتكي هم هؤلاء القوم الذين نعتهم الله بأنهم لا يكادون يفقهون قولاً، وأنهم قوم بدائيون، وأما يأجوج ومأجوج فقد اختلف الناس فيهم وقالوا كلاماً كثيراً، لكن أظهر الأقوال: أنهم قبيلتان من نسل يافث بن نوح على نوح السلام.
وبعض العلماء يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليهما في رحلة الإسراء والمعراج، حتى تقوم عليهم الحجة، وهذا لا يبعد، لكنه لم يثبت.
قال الله جل وعلا على لسانهم: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا -عطية - عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [الكهف:94]؟ وهذا ملك سياسي دبلوماسي، فكان أولاً متصلاً بالله.