قال الله جل وعلا: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45].
الصبر في اللغة: الحبس؛ ولذلك يذكر في كتب التاريخ: قتل فلان صبراً، يعني: قتل وهو ينظر إلى الموت، وليس في ساحة المعركة، وإنما حبس حتى ينتظر الموت، هذا معنى قتل فلان صبراً.
بعض العلماء يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ): الصبر المقصود به هنا: الصوم، ويستدلون على ذلك بدليلين: أحدهما من الأثر والآخر من النظر، أما دليلهم من الأثر فيقولون: إن رمضان يسمى شهر الصبر، وأما من النظر فإنهم يقولون: إن الصلاة ترغب في الآخرة، والصوم يزهد في الدنيا، وهذان من أعظم أسباب النجاة، لكن الحق الذي ندين الله به: أن الصبر هنا بمعناه العام، ويبعد تخصيصه بالصوم.
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) الله جل وعلا أمرنا أن نستعين بالصبر والصلاة، لكن على أي شيء نستعين بهما؟ نستعين بهما على أن نذكر الآخرة وندفع بلاء الدنيا، (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ).
ثم قال ربنا: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45] أكثر أهل العلم يرى أن الإفراد هنا ليس مقصوداً، فقوله: (لَكَبِيرَةٌ) عائد على الصبر وعلى الصلاة، ويحتجون بأنه جرت سنن العرب في كلامها أنهم يطلقون المفرد ويريدون به المثنى، أو يثنون ويريدون به المفرد، وقولهم هذا حق، لكني أقول: إن قول الله: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ) المقصود الصلاة فقط.