ثم قال ربنا: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ} [الإسراء:54]، وهذا تأديب للجماعة المسلمة في زمن الإشراك وفي كل آن وحين على ألا تتعجل بالحكم على أحد، قال: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [الإسراء:54] والجملتان شرطيتان، والمعنى: إن يشأ يرحمكم بتوفيقكم للطاعة، وإن يشأ يعذبكم بخذلانكم عن الوصول للإيمان والطاعة والعمل الصالح.
والمقصود من الآية: أن المؤمن لا يتعجل في الحكم على أحد؛ لأن العبرة بالخواتيم: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [الإسراء:54]، فليست مهمة الرسل إلا البلاغ، فأنت لا تستطيع أن تجبر الناس قسراً على أن يدخلوا في الدين، وعليك وأنت في طريق دعوتك -أيها المبارك المتبع لآثار الأنبياء- ألا تعجل على الحكم على أحد، وثمة شواهد في هذا العصر قد لا يحسن فتح صفحاتها دلالة على أن العبرة بالخواتيم، وعلى أن الإنسان قد ينصرف قلبه إلى الطاعة ولو في أخريات حياته، قال: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [الإسراء:54].