تفسير قوله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فما زلنا نتفيأ ظلال سورة الأنعام، وكنا قد بينا أن لنا سنناً جديداً في التأمل فيها، فسنتعرض للآيات فرادى أو مثنى، وندع التوخي الفردي للآيات المتتابعة محاولة للوصول إلى أكثر معاني هذه السورة المباركة.

والآية التي نحن بصدد التأمل فيها في هذا الدرس المبارك هي قول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام:121]، فنعوذ بالله من الشرك.

ومن الآية يظهر أن هناك إطلالتين تفرضان نفسيهما علينا ونحن نتأمل: الإطلالة الفقهية والإطلالة التاريخية، أما الإطلالة الفقهية فهي ضرب لازم؛ لأننا نتحدث عن حلال وحرام؛ لأن الله قال: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] و (لا) هنا ناهية بالاتفاق، و (تأكلوا) فعل مضارع مجزوم بحذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والأفعال الخمسة سميت بذلك؛ لأنها تأتي على خمس صيغ: (تفعلان، ويفعلان، وتفعلون ويفعلون، وتفعلين)، وهذا كله استطراد.

والآية صريحة في النهي عن أكل ما لم يسم الله جل وعلا عليه عند ذبحه وتذكيته، حيث يقول تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121]، وذيلت تذييلاً مبدئياً بقول الله جل وعلا: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام:121].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015