ذكر ما في الآية من حيث الصناعة النحوية

وسنبحر هنا إيجازاً نحوياً وبلاغياً ولغوياً بقدر الإمكان.

أما من حيث الصناعة النحوية فالياء: حرف نداء، والمنادى هو الحسرة، والتقدير: يا حسرة أحضري، أو يا حسرة هذا أوانك.

وهذا قول سيبويه، وتبعه أكثر الناس عليه.

والعرب في النداء يأتون بحرف نداء، وقد يحذفونه ويقدرونه، ومن أحرفهم الشهيرة: الياء و (هيا) و (أي) و (الهمزة)، ثم إن المنادى يقسمونه في إعرابه وبنائه، فيجعلون منه المفرد، ويقصدون به ما ليس مضافاً ولا شبيهاً بالمضاف، مثل قول الله جل وعلا: {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا} [هود:48]، {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة:35]، فهذا يسمونه منادى مفرداً، ولا يقصدون بالمفرد أنه لا ثاني له ولا جمع.

ويجعلون منه المضاف، كما في الآية التي بين أيدينا: {يَا حَسْرَتَنَا} [الأنعام:31]، فكلمة (حسرة) مضافة إلى (نا) الدالة على الفاعلين.

ويجعلون منه الشبيه بالمضاف، كقول الشاعر: أيا راكباً إما أعرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا فقوله: (راكباً) نكرة غير مقصودة، ومنه قولك: يا راكباً إبلاً، أو يا طالعاً جبلاً، فهذا يسمونه شبيها بالمضاف.

وإذا كانت النكرة محددة فإن النحاة يسمونها نكرة مقصودة، فيبنونها على الضم تشبيهاً لها بالمنادى المفرد، ومنه قول الله تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء:69]، فبنيت على الضم؛ لأن النكرة هنا نكرة مقصودة، وهي النار التي كانت قد أعدت لإحراق إبراهيم، ولو قال الله: (يا نارً) على العموم لأطفئت حينها كل نار، ولم تنفع.

فهذا بيان في علم النحو، وينبغي لطالب العلم الناظر في القرآن السائر في ركب الفقهاء أن يكون على دراية بهذه الأمور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015