وهذه الأمة منذرة بالقرآن، حيث قال تعالى: {لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:19]، ولهذا نقل عن بعض السلف أنه قال: كل من بلغه القرآن فكأنما لقي الرسول.
ولا يقصد بذلك أنه أصبح صحابياً، ولكن يقصد أن الحجة أقيمت عليه، ولهذا قال الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان: ومن لم يبلغه القرآن ولا دعوة نبينا صلى الله عليه وسلم، ولو كان من أهل زماننا، فحكمه حكم أهل الفترة؛ لأن الأمر مبني على قضية وصول البلاغ من عدمه، ونحن نعلم أنه في مجاهيل أفريقا وبعض الدول وأمريكا الجنوبية وغيرها قد يوجد أمم لم يصلهم شيء عن الإسلام، فيحكم عليهم بأنهم من أهل الفترة؛ لأن الله قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]، وهذه مسائل لا ينبغي أن يجادل فيها، ولكن يجب أن تكون على يقين بأن الله لن يظلم أحداً، وأن الله جل وعلا أرحم بخلقه منا، فكل العباد إلى ولا تجعل بمثل هذه المسائل مادة مجلسك تخوض فيها ليل نهار، فيقسو قلبك ويكثر بحثك عن مواضيع لا تقدم ولا تؤخر ولن يسألك الله طرفة عين عنها.