بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرحمن على العرش استوى.
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن على أثارهم اقتفى، وبعد: فهذا هو الدرس الثالث حول سورة الأنعام المباركة التي ذكر المفسرون أنها نزلت جملة واحدة.
فنقول مستعينين بالله جل وعلا: قال الله جل وعلا: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} [الأنعام:4 - 5].
هذا إخبار عن حال أهل الإشراك، والسورة مكية تصور حال أهل مكة، و (ما) في قوله تعالى: {َمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} [الأنعام:4] نافية.
وذكرت (من) هنا مرتين، حيث قال تعالى: {َمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} [الأنعام:4].
وأما (من) الأولى فهي لاستغراق الجنس، أي: للعموم.
وأما الثانية فتبعيضية.
ومن تلك الآيات انشقاق القمر.
وقوله تعالى: {إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [الأنعام:4] أي: إننا أظهرنا لهم الآيات، ومن أعظمها القرآن، ومنها انشقاق القمر، فكانوا عنها معرضين، أي: أعرض أهل مكة عنها، وهذه ظاهرة المعنى.