كل أمة كان لها كتاب

وقوله جل وعلا: {وَمُنذِرِينَ} [البقرة:213] قلنا: مأخوذة من النذارة، {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ} [البقرة:213] عائد على النبيين، (الكتاب بالحق)، فما دام أنه من عند الله فلا بد أن يكون ملتبساً بالحق ومتضمناً له، ولهذا قال الله جل وعلا: {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء:105]، والكتب التي أنزلت على الأنبياء والمرسلين الأظهر أن كل أمة كان لها كتاب؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} [البقرة:213]، وقد تكون صحفاً، ولا يمنع هذا من تسميتها كتاباً، لكن تعبدنا الله بالإيمان بها جملة والإيمان ببعضها تفصيلاً، ومما سماه الله جل وعلا صحف إبراهيم، والتوراة، والإنجيل، والزبور، فهذه مما أمرنا أن نؤمن بها تفصيلاً، وقد أخبرنا الله جل وعلا ببعض ما كان فيها، يقول الله جل وعلا: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم:36 - 38].

إذاً: فقوله جل وعلا: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم:38] كما هو الآن في القرآن كان موجوداً في صحف إبراهيم وصحف موسى، {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [البقرة:213]، والبغي هنا يشمل ثلاثة أضرب: الحسد، والظلم، والتكذيب، وهي متلازمة فيما بينها، وهذا ينشأ غالباً عياذاً بالله بين الأقران، فيبغي بعضهم على بعض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015