تفسير قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام)

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شعار ودثار ولواء أهل التقوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره، واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد.

فكنا أيها المباركون قد انتهينا إلى قول الله جل وعلا في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:208]، وبينا ما يتعلق بها، ونبين أمراً قد ذكرناه من قبل في لقاءات مضت ودروس سلفت أن الشيطان أخفى عداوته، لكن الله جل وعلا أظهرها، وهنا كان قول الله جل وعلا: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:208] وصف ظاهر لا التباس فيه، وإلا فالأصل أن الشيطان أخفى عداوته، {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف:21]، وليس هذا صنع من يريد أن يظهر عداوته، لكن الله جل وعلا كشفه وفضحه؛ فلهذا قال الله جل وعلا: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:208]، ثم قال الله: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ} [البقرة:209]، والأصل أن الزلل هو في الأقدام، ثم استعير فأصبح يوصف به كل زلل في المعتقدات والآراء وغير ذلك.

{فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ} [البقرة:209] أي: بعد الحجج الظاهرة والبراهين القاهرة.

{فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:209] أي: لا يمنعه شيء من أن يعذبكم، (حكيم) أي: لا يعذب إلا من يستحق العذاب، وهذه ظاهرة، وقد مرت معنا كثيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015