تفسير قوله تعالى: (مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق)

قال الله جلا وعلا يبين حال أهل الإشراك: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [البقرة:171].

هذا تشبيه حالة الكافر بحالة راع الضأن ينادي عليها، فهي من حيث سماعها النداء تسمع، لكن من حيث تدبرها لما يقال لها لا تعي، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعوهم ويرشدهم فهم حال سماعه كحال الضأن تسمع ما تنادى به، وهم يسمعون القرآن والآيات إلا أنهم لا ينتفعون كما أن الضأن لا تفقه كلام الراعي، هذا تخريج.

وبعض العلماء يقول: ليس المقصود هذا، وإنما المقصود حال المشركين مع أصنامهم عندما ينادونها، فإنها لا تسمع منهم شيئاً، ولا تعي ما يقولون {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [البقرة:171]، لكن هذا بعيد؛ لأن الله قال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة:171]، فأثبت السمع، ومعلوم قطعاً أن الأصنام لا يمكن لها أن تسمع، فجعل المثل مثلاً لأهل الإشراك -وهو تشبيه تمثيلي- أفضل من جعله مثالاً للأصنام.

يعني: حال كونهم هم يسمون النداء ولا يفقهون شيئاً مما يقال لهم أولى من حمل التشبيه على الأصنام وأنها تنادى ولا تعي ما تنادى به؛ لأن الله أثبت هنا السمع والأصنام قطعاً لا تسمع شيئاً مما تنادى به فقال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [البقرة:171].

هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده، وأعان الله جل وعلا على قوله، والله الموفق لكل خير.

وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد الله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015