قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153] مر معنا كثيراً أن الصبر والصلاة قرينان في كلام الله.
والصبر من أنواعه الصبر على الطاعات، ومن أعظم الطاعات التي تحتاج إلى مشقة؟ الجهاد، فلما ذكر الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153] ذكر مشقة تحتاج إلى صبر وهي القتال في سبيل الله فقال: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} [البقرة:154].
العاقل لا يفرط في محبوب إلا إذا وجد شيئاً أعظم منه، والحياة محبوبة لكل أحد، فأنت لماذا تأكل العيش؟ لماذا تشرب الدواء؟ لماذا تبني شيئاً يكنك البرد والحر؟ كل ذلك حتى تبقى حياً، وأنت لا تحيا لتأكل وإنما تأكل لتحيا، ومع ذلك يطلب منك شرعاً أن تهب نفسك لله، فتفرط في ذلك المحبوب الذي هو حب الحياة، والذي أنت تكد من أجل بقائك، وتمنع عن نفسك ما يؤذيك، لكن تفريطك في هذا المحبوب الذي هو الحياة لم تصنعه إن كنت مؤمناً إلا لمحبوب أعظم وثواب أجزل وهو ما عند الله الذي أثبته الله بقوله: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} [البقرة:154]، فهم يفيئون إلى قناديل معلقة في العرش ويشربون من أنهار الجنة، وسيأتي ذكر الشهداء تفصيلاً في سورة آل عمران التي حوت ذكراً كثيراً للقتال.