قال الله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:131].
قال كثير من أهل العلم: إن من أعظم خصال إبراهيم المسارعة في الخيرات، وعدم التردد في تنفيذ أمر الله جل وعلا، وهذا معلوم من هديه، قال الله جل وعلا عن كليمه موسى: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه:84].
نقف عند هذه الآية ونقول إجمالاً: إن الرب تبارك وتعالى ذو فضل واسع ورحمة جليلة يختص بها بعض عباده، وممن نال هذا الفضل الإلهي والعطايا الربانية خليل الله جل وعلا إبراهيم، وذكر القرآن إبراهيم في مواطن مدح كثيرة منها قوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود:75]، فجعل القلوب تهفو للتعلق بهذا النبي الكريم بأن تبعه كما قال الله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل:123] وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجله ويعظمه، ولما تكلم عن الأنبياء قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث يوم الفتح: (قاتلهم الله! مال شيخنا وللأزلام؟!) ولم يسمّ الله جل وعلا أحداً من الأنبياء أنه شيخه إلا إبراهيم.
ولما لقيه في رحلة المعراج قال إبراهيم لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم: (مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح)، ولم يقل له هذه العبارة إلا آدم وإبراهيم، أما غيرهما من الأنبياء والمرسلين فكانوا يقولون: (مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح)، فعلينا أن نفهم أن هذا خليل الله اجتباه الله جل وعلا، فننظر في هديه وفي سمته فيما أخبر الله عنه فنقتفي أثره؛ لأن الله جل وعلا أمرنا بهدي الأنبياء جملة، وبهدي إبراهيم على وجه الخصوص، وهذا الذي سنه نبينا صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم.
هذا ما تحرر وتهيأ إعداده، وأعاننا الله جل وعلا على قوله، والله المستعان، وعليه البلاغ.
وصلى الله على محمد وعلى آله والحمد لله رب العالمين.