الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد: فندخل إلى فصل من أهم فصول هذا البحث الذي نحن بصدده، وهو المتعلق بأطفال المسلمين وعلو الهمم عندهم، فإننا حينما نقول: إن الأطفال هم المستقبل، فإن هذا الشعار حقيقة لا مجاز، وواقع لا خيال، ومن ثمَّ ينبغي أن يصرف الهم الأكبر إلى تهيئتهم؛ ليكونوا مؤتمنين على مستقبل أمة الإسلام، ولن يحصل هذا إلا إذا تخلينا عن نظرتنا إلى هؤلاء البراعم على أنهم لعبة ملهية نتسلى بها، وبالتالي ننسى ونغفل عن أن الاهتمام بالأطفال وتربيتهم يبدأ مبكراً جداً أكثر مما نتصور.
يقول أستاذنا الدكتور محمد صباغ حفظه الله تعالى: سمعت من الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله: أن رجلاً جاء يسترشده لتربية بنت له ولدت حديثاً، فسأله: كم عمرها؟ قال: شهر، قال: فاتك القطار، وقال: كنت أظن في بادئ الأمر أني مبالغ، ثم عندما نظرت وجدت أن ما قلته حق، وذلك أن الولد يبكي فتعطيه أمه الثدي، فينطبع في نفسه أن الصراخ هو الوسيلة إلى الوصول إلى ما يريد، ويكبر على هذا، فإذا ضربه اليهود بكى في مجلس الأمن، ويظن أن البكاء والصراخ يوصله إلى حقه.
ونحتاج إلى تفصيل في هذا الأمر حتى لا يساء فهمه، ولكن سنرجئ الكلام في موضوع تربية الأطفال منذ الصغر -إن شاء الله- إلى مناسبة أخرى بعد أن نفرغ من هذا البحث.