عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على سرير مرمل -أي: منسوج من السعف- وتحت رأسه وسادة من أدم -من جلد- حشوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه ودخل عمر، فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم انحرافة -أي: تحرك- فلم ير عمر بين جنبه وبين الشريط ثوباً، وقد أثر الشريط بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا عمر! قال: والله إلا أن أكون أعلم أنك أكرم على الله عز وجل من كسرى وقيصر، وهما يعبثان في الدنيا فيما يعبثان فيه وأنت يا رسول الله بالمكان الذي أرى).
يعني: أقبلت عليهما الدنيا حتى صارا يلعبان بأموالها ومتاعها لعباً، وأنت رسول الله وأكرم الخلق على الله لا تجد فراشاً يقي جسمك من أثر الحصير، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قال: بلى، قال: فإنه كذلك) والحديث متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في جهنم صبغة، ثم يقال له: يا ابن آدم! هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟)، يعني: الصبغة الواحدة تنسيه كل ما كان فيه من نعيم، مع أنه كان أنعم رجل من أهل الدنيا، (فيقول: لا والله يا رب! ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم! هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط)، رواه الإمام أحمد ومسلم وغيرهما.