من المناهج التي تزرع احتقار النفس وازدراءها والشعور بالدونية: مناهج الصوفية؛ وأذكر لكم بعض العبارات التي تدل على ذلك: قال بعض الصوفية: الفقير هو الذي يأكله القمل، ولا يكون له ظفر يحك به نفسه! يعني: أن القمل يكثر في جسده حتى يأكله، هذا هو الفقير الصوفي.
وكل هذا اقتبسوه من الرهابنة، فالرهابنة يدخلون الدير، ويعتكفون فيه؛ حتى يصير وجه الواحد منهم أسود من كثرة الطين؛ لأنه لا يستحم، ولا يقرب الماء أبداً، وهذا موجود حتى الآن، لكنهم يسترونهم داخل الجدران؛ حتى لا يظهروا في الخارج، فتجد الطين والقذارة في خد أحدهم وفي جبهته متراكمان، ويبدوا أنه منذ سنوات ما اغتسل وما اقترب من الماء، كحال أسلافهم من قبل؛ حيث كان الواحد منهم يفخر أنه مكث خمسين سنة وما مس الماء!! وهذه عندهم طريقة للتعبد! ومن هذا الذل الذي يقع في غير موقعه: ما يريد الصوفية أن يكون عليه الناس من التمسح بالأعتاب، والسجود للقبور، والتذلل للموتى من دون الله سبحانه وتعالى، وهذا شرك صريح، وخروج من ملة الإسلام؛ فكونك تستنصر بالميت وتدعوه؛ لأجل أن يرزقك ولداً، أو يشفي لك مريضاً، أو ينجح ولدك، أو غير ذلك مما لا يسأل إلا من الله سبحانه وتعالى هذا بلا شك هبوط بالهمة إلى أحط مستوى، قال عز وجل: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:31].
ويقول صوفي آخر: الصوفي هو من يرى دمه هدراً وملكه مباحاً! أي: أن هذا هو الصوفي؛ فهل هناك احتقار للذات أكثر من هذا؟! أين أنت من تربية رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي يقول: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد)، فهذا يرفعه إلى درجة الشهادة، وأنت أيها الصوفي! تأتي تقتبس من الرهبان وتقول: من صفعك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، ومن أخذ رداءك فأعطه قميصك.
إلى آخر هذا الكلام الذي يربي في النفس هذه المعاني.
فهذا الشخص يقول: الصوفي هو من يرى دمه هدراً وملكه مباحاً! وفي الحقيقة لا يمكن أن تحس بنعمة الله سبحانه وتعالى عليك إلا إذا مَنَّ عليك بالاعتزاز بالمنهج السلفي، بأن تفهم القرآن والسنة كما فهم السلف الصالح، إلا إذا نظرت إلى منهج وانحرافات وضلالات الصوفية التي هي أم المخرفين، والتي هي معاندة لدين الله سبحانه وتعالى، فحينئذٍ تستحضر نعمة الله سبحانه وتعالى عليك أن عصمك من هذه الضلالات.
وهذا صوفي ثالث يحكي ويقول: إنه ما سر في إسلامه إلا ثلاث مرات، أي: أنه من ساعة ما أسلم ما دخل السرور على قلبه إلا ثلاث مرات في ثلاث مناسبات: الأولى: كنت في سفينة فلم أجد أحقر مني فيها! والثانية: كنت مريضاً في المسجد فجرني المؤذن إلى خارجه! والثالثة: كان علي فرو فنظرت فيه فلم أميز بين شعره وبين القمل من كثرته!! هل هذا هو الإسلام؟! وهل هذه هي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام؟! فهو يفتخر بأنه حين يكون قذراً يتأفف الناس منه حتى يلقوه في الشارع، وأن ينظر إلى الفرو فلا يستطيع أن يفرق بين الشعر وبين القمل من كثرة القمل! فانظر كيف تنحط الهمم! فهل مثل هذا يصلح أن يخرج ليجاهد في سبيل الله، أو يتعبد العبادة التي يزعمونها، أو يطلب علماً ويسهر الليالي في طلب المعالي؟! هل هذا يحصل من مثل هذا الذي يفتخر بأن القمل فيه لا يتميز من شعر الفرو؟! فبلا شك أن التربية الصوفية تغرس احتقار النفس والإحساس بالدونية، وتثبط وتقتل الهمم، وتدمرها.
ومن مظاهر المناهج التربوية الصوفية التي تنحط بالهمم: الإعراض عن علوم القرآن والسنة، وترهيب المريدين من طلب العلم الشرعي، ويخوفون الناس من العلم الشرعي، ويقولون: نحن لنا الحقيقة، والناس لهم الشريعة، فالعبادة والعمل وطلب العمل هذه سلالم، ونحن وصلنا، فكيف نصعد على السلم؟! فيسخرون من طلبة العلم، ويهونون ويحقرون من شأن العلم، ولقد سقط من كم أحدهم يوماً القلم، وكان يخفي القلم؛ خشية أن يفتضح بين الصوفيين بأنه يكتب، فسقط منه القلم رغم أنفه من جيبه، فقال له شيخه: استر عورتك!! وروى ابن الجوزي عن جعفر الخالدي قال: لو تركني الصوفية جئتكم بإسناد الدنيا.
أي: أنهم السبب في أنه أعرض عن طلب العلم والحديث.
قال: كتبت مجلساً عن أبي العباس الدروي وخرجت من عنده، فلقيني بعض من كنت أصحبه من الصوفية فقال: ما هذا معك؟ قال: فأريته إياه، فقال: ويحك! تدع علم الخرق وتأخذ علم الورق! ثم مزق الأوراق، فدخل كلامه في قلبي، فلم أعد إلى أبي العباس.
أي: حالوا بينه وبين طلب العلم الشرعي.