حرص العلماء على أوقاتهم

وقال يحيى بن القاسم: كان ابن سكينة عالماً عاملاً لا يضيع شيئاً من وقته، وكنا إذا دخلنا عليه يقول: لا تزيدوا على (سلام عليكم، مسألة) أي: لكثرة حرصه على المباحثة وتقرير الأحكام كان يقول لتلامذته ولإخوانه ومن أراد أن يأتي يستفيته: لا تزيدوا على هذه الكلمات: (سلام عليكم، مسألة) أي: ويدخل في الموضوع.

أما الآن فنعجب مما يحصل من بعض الإخوة، حيث نسمع أحياناً في أشرطة مسجلة حوارات مع العلماء ومع الشيوخ: كيف الحال؟! وكيف الأولاد؟! وكيف الصحة؟! وسمعنا كذا.

ويظل السائل يقدم مقدمات طويلة، وفي الآخر يجود بأن يسأل سؤاله، فأمثال هؤلاء العلماء وقتهم ليس ملكاً لنا، ولا ملكاً لأنفسهم، إنما هو ملك الدعوة وملك العلم والوظائف الشريفة، فأحب شيء إلى مثل هؤلاء -بلا شك- أنك تختصر مثل هذا الاختصار، ويمكن أن تزيد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وإن كان هذا الإمام يطلب أن يقال: (السلام عليكم) فقط لأجل حرصه على الاختصار في الكلام بقدر المستطاع.

والمجتمع الذي يصل إلى هذا المستوى في استيعاب قيمة الوقت وعدم إهدار الوقت هو الأقرب للكتاب والسنة، ولهدي السلف الصالح رحمهم الله تعالى، أما هذه الزيارات العشوائية التي يعملها الناس فلا، والمشكلة أننا نتصور أن الذي ينبغي هو إطالة الزيارة، وهذا غير صحيح، فكما يحدد موعدٌ في بدء الزيارة لابد من أن يحدد موعد لانتهائها.

أما أن يزور امرؤ أخاه في الساعة التاسعة مساء -مثلاً- ويفارقه في الساعة الثانية عشرة أو الواحدة فهذا لا ينبغي، فإن كان الكلام يقضى في أربع جمل فلا تقل خمساً، ولا تزد.

فالمفروض هو أن يحصل نوع من التعاون؛ لأن هذا يكشف قيمة الوقت عندنا، فالوقت هو رأس مالك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) فالفراغ هو الزمن والوقت، وأكثر الناس يضيعون أوقاتهم، فلابد من التعاون حتى نرقى إلى ذلك المستوى الراقي الذي بلغه السلف الصالح رحمهم الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015