وقد اجتهد كثير من الحفاظ في لقيا المشايخ والتلقي عنهم، حتى بلغ عدد شيوخ الإمام أبي سعد عبد الكريم السمعاني المروزي رحمه الله تعالى سبعة آلاف شيخ وأستاذ، ولكثرة البلدان التي رحل إليها في طلب العلم ألف معجم البلدان، ويقصد بها البلدان التي سمع فيها العلم، وصنف معجم شيوخه في عشرة مجلدات، أي أن قاموس أسماء شيوخه استغرق عشرة مجلدات.
وقال القاسم بن داود البغدادي: كتبت عن ستة آلاف شيخ.
وبلغ عدة شيوخ الإمام الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى ألفاً وثلاثمائة شيخ، ومن النساء بضعاً وثمانين امرأة.
ولما مات زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال ابن عباس رضي الله عنهما: يا هؤلاء! من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فهكذا ذهاب العلم.
يعني: أن ذهاب العلم لا يكون بأن يقبض الله سبحانه وتعالى العلم من صدور الرجال، وإنما بموت العلماء، كما جاء في الحديث الصحيح: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فلما مات زيد بن ثابت رضي الله عنه قال ابن عباس للناس: يا هؤلاء! من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فهكذا ذهاب العلم، وايم الله لقد ذهب اليوم علم كثير، يموت الرجل الذي يعلم الشيء لا يعلمه غيره، فيذهب ما كان معه، ويشير إلى قبر زيد ويقول: لقد دفن اليوم علم كثير.