حرص ابن أبي حاتم على طلب العلم

ذكر الحافظ الذهبي في ترجمة أبي حاتم الرازي محمد بن إدريس المتوفى سنة سبع وسبعين ومائتين أن أبا حاتم قال: قال لي أبو زرعة الرازي: ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك.

فقلت له: إن ابني عبد الرحمن لحريص، فقال: من أشبه أباه فما ظلم.

قال الرقام -وهو أحمد بن علي أحد رجال إسناد الخبر-: فسألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له وسؤالاته لأبيه، فقال: ربما كان يأكل وأقرأ عليه -كان يغتنم اقترابه من أبيه في البيت، فكان يأكل أبوه ويقرأ عليه-، ويمشي وأقرأ عليه، ويدخل الخلاء وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه.

يعني كان يغتنم الفرصة إلى أقصى حد ممكن، فكانت ثمرة تلك المحافظ على الزمن والحرص على طلب العلم نتاجاً علمياً كبيراً، هو كتاب الجرح والتعديل في تسعة مجلدات، وهو من الكتب النفيسة الحافلة الرائدة في هذا العلم، ومنها أيضاً كتاب التفسير في عدة مجلدات، وكتاب المسند في ألف جزء.

وقال الذهبي رحمه الله تعالى: قال علي بن أحمد الخوارزمي: قال ابن أبي حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة -يعني: ما ذاقوا طبيخاً-، نهارنا ندور على الشيوخ، وفي الليل ننسخ ونقابل، فذهبت أنا ورفيق لي إلى شيخ فقالوا: هو عليل.

فرجعنا فرأينا سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ، فمضينا، فلم تزل السمكة ثلاثة أيام، وكادت أن تنتن، فأكلناها نيئة ولم نتفرغ لشويها، ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.

يقول الشاعر: لولا ثلاث قد شغفت بحبها ما عفت في حوض المنية موردي وهي الرواية للحديث وكتبه والفقه فيه وذاك حسب المهتدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015