عملت حكومة الإمبراطور نابليون الثالث على تدمير القيادات، العربية - الإسلامية، وهي القيادات التقليدية، بحجة القضاء على ما أطلقت عليه اسم (الأرستقراطية العربية) وذلك بهدف خلق نوع من الفراغ السياسي - على نحو ما سبقت الإشارة إليه - ومقابل ذلك: (تبنى الإمبراطور عددا من المشاريع لإقامة مستعمرات عسكرية يتولى إدارتها القادة الكبار من الفرنسيين. وكان هدفه من ذلك خلق أرستقراطية عسكرية فرنسية قائمة على امتلاك الإقطاعات الكبيرة من قبل القادة ذوي الرتب العليا العاملين في خدمة الجيش الإفرنسي) (?) واعتمدت حكومة الإمبراطور أيضا على كبار الرأسماليين لدعم الهجرة والاستيطان، وكذلك الشركات الرأسمالية الكبرى، باعتبار أن كثيرا من رجال الأعمال والمصارف (البنوك) وكبار الرأسماليين - وخاصة السويسريين - كانت تربطهم صداقات شخصية الإمبراطور، الذي كان بدوره يميل إلى دعم هذه السياسة حتى لا تتكلف حكومته بتحمل أعباء اقتصادية، أو تضطر إلى تقديم المعونات المالية. وهو الأمر الذي دفعه لإصدار ما عرف باسم (مشروع بياريتز) والذي يسمح لهؤلاء بتأسيس المشاريع الكبرى بالجزائر لصالح الاستعمار الاستيطاني. وكان من استفاد من هذه السياسة على سبيل المثال - المقاول الباريسي (دومونشي) الذي منح سنة 1854 أرضا بلغت مساحتها 2672 هكتارا في تيبازة طرد منها ست وتسعين عائلة جزائرية، ليقيم فوقها وحدات سكنية للمهاجرين