ويظهر من خلال ذلك، أن إنكلترا، ومعها فرنسا، قد اتفقتا في الهدف مع دول الحلف المقدس (روسيا والنمسا وبروسيا) في دعم محمد علي باشا لإقامة دولة عربية قوية تستطيع منافسة الباب العالي، ولكنها لا تستطيع القضاء على الدولة العثمانية. وهذا ما أشار إليه تقرير القنصل البريطاني بتاريخ 29 أيار - مايو - 1834 وفيه: (إذا انتظمت الأقاليم التي يحكمها حاليا محمد علي في مملكة، فإن هذه المملكة، بحكم موقعها، ستحمل طابعا أوروبيا وآسيويا في آن واحد. وستتدخل كلما قويت داخليا في شؤون إحدى القارتين. فإذا لم توجه في وجه إحداهما، فلن تكون هناك أية فائدة سياسية من إقامتها. أن إقامة هذه المملكة - بحد ذاته - يعطي الباشا بغداد والبصرة، عبر شمال سورية، وتجعله يسيطر على سلسلة طوروس الشرقية، باسطا نفوذه، حتى حدود بلاد فارس، وستمتد سلطته المتزايدة إلى قلب آسيا، من شراز إلى مسقط وحتى البحر الأحمر، مرورا بالجزيرة

العربية).

لقد فتح الصراع بين محمد علي والباب العالي المجال الواسع أمام الدول الكبرى للحصول على المغانم، على حساب الطرفين المتصارعين، وبالتالي على حساب الأمة الإسلامية. وهذا ما أشار إليه القنصل الإنكليزي في مصر والذي كتب في 7 شباط - فبراير - 1838 ما يلي: (قبل تعييني، لم يكن يصل أي مركب أو أية بضاعة إلى مرفأ بيروت من إنكلترا مباشرة. ولم يكن في سوريا كلها أي مركز تجاري إنكليزي. وكانت موارد سوريا وإمكانياتها ومنتجاتها مجهولة في إنكلترا، ومنذ تعييني - سنة 1830 - بدأت تصل مباشرة من الوطن مراكب إنكليزية حمولة كل منها من 120 إلى 150 طنا، حاملة منتجات إنكليزية من إنكلترا أو مستعمراتها وقد تم افتتاح مراكز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015