وثانيها: توافر مراكز عالمية مضادة يمكن لها دعم قوى الثورة والتعاطف معها، والوصول أحيانا إلى مشاركتها فى صراعها ماديا ومعنويا، مما يقدم للثورة قوة دفع جبارة (زخم).
وتتمثل إدارة الصراع - بالنسبة للقوى الثورية - بتفجير الصراع وتطويره، ودعمه، واكتساب الأصدقاء، وإضعاف جبهة الأعداء، والعمل باستمرار لتنمية العوامل المتشابكة في محصلة الصراع على حساب ما يتوافر للعدو من القوى والوسائط، وبكلمة أخرى: زيادة القدرة الذاتية على أنقاض ما يتم تفتيته من قدرات العدو وإمكاناته.
تلك هي بدهيات معروفة لكل من يتصدى لإدارة الحوار، غير أن لكل ثورة خصوصيها، وبقدر ما تتشابه الثورات في طرائقها وظواهرها، وبقدر ما تتماثل قوى القمع في أساليبها ومخططاتها، إلا أن هناك خلافا وتباينا قد يزيد في نوعه على التشابه والتماثل، وهنا يأتي الدور الريادي للقيادة الثورية التاريخية التي تستطيع التمييز بين ما هو مطلوب، وما هو ممكن.
لقد اضطلعت (جبهة التحرير الوطني) بإدارة الصراع السلمي والمسلح، وأعطت لهذا الصراع خصوصيته من خلال الأخذ بمجموعة من المعطيات، لعل أبرزها:
1 - تحديد الهدف، وتعيين السبل المؤدية له، واختيار الوسائل الضرورية، كل ذلك بدقة تامة ووضوح كامل، مع ترك هامش للمرونة يسمح بالتحرك السياسي ضمن حدود الهدف ومن غير تجاوز له.
2 - عدم إهمال أهداف العدو ووسائله المتميزة عادة بالخداع والغدر وكل (الأخلاق) التي عرف بها الاستعمار.