المدن، ومطاردة القوات الاستعمارية في كل مكان، بالمراقبة والمتابعة، وإطلاق الزغاريد (اليويو) التي طالما أثارت حماسة المجاهدين في ميادين الجهاد، وفي قاعات المحاكم عندما كانت (محاكم التفتيش الحديثة) تعقد جلساتها التظاهرية للحكم على المجاهدين والمجاهدات.

وذهل العالم - الغربي والشرقي - على السواء لهذه الظاهرة. لقد اشتركت المرأة في الحروب الحديثة، ودخلت في صلب تنظيم القوات المسلحة، غير أنها لم تتمكن من الوصول والارتقاء إلى مستوى المجاهدة الجزائرية، لا في قدرتها على احتمال كرة القتال، ولا في صمودها ضد وسائل القمع والإرهاب، ولا في صبرها على نوائب الاستعمار وكوارثه.

وكان ذهول الاستعمار الفرنسي أكبر من كل تقويم. ذلك أن هذا الدور الذي اضطلعت به المجاهدة الجزائرية قد جاء ليؤكد (سقوط كافة المخططات الاستعمارية) التي استهدفت تدمير أصالة الجزائر من خلال الحرب المنظمة ضد المرأة الجزائرية حتى تتحول إلى (دمية لا تصلح إلا للعبث) على نحو ما هو عليه حال (الغربية) التي دفعت إلى ما تكره تحت شعارات (الحرية والتحرر) و (الحضارة والمدنية) حتى باتت مكبلة بالقيود الثقيلة التي لم يعد باستطاعتها التحرر منها، أو الانعتاق من ثقل وطأتها، وباتت (حياة المرأة الشرقية - المسلمة) هو الحلم الذي تتطلع إليه المرأة (في مشرق الأرض ومغربها) والشواهد كثيرة لا مجال هنا لذكرها.

المهم في الأمر، لقد عرفت فرنسا، ومنذ بداية استعمارها للجزائر، أن إحكام قبضتها على (جزائر المسلمين) إنما يكمن بالقدرة على (تدمير أصالة المرأة الجزائرية). ولم تكن أسئلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015